كيفية التعامل مع الصور العنيفة والصادمة

قد تعتبر الصور ومقاطع الفيديو التي تظهر مشاهد عنف وتعذيب وسيلة لتوثيق المآسي الإنسانية. ولكن مهما كانت قيمتها الإخبارية فلا بد من التعامل مع هذه الصور بدرجة كبيرة من الحذر إذ أنها قد تهدد الصحة النفسية لمن يشاهدها أو يتعامل معها.

Our tip sheet on working with traumatic imagery, translated into Arabic by the Marie Colvin Journalists' Network.

كثيرا ما تكون الصور التي يتم التقاطها في مناطق الحرب أو مواقع الجريمة أو الكوارث الطبيعية على درجة كبيرة من البشاعة، كما أنها تبعث على الحزن والاضطراب. فانتشار كاميرات الفيديو عالية الجودة خلال العقد الأخير أدى إلى ارتفاع نسبة هذه الصور التي تصل إلى غرف الأخبار، ليس فقط من مصادر صحفية تقليدية وإنما من وسائل الاتصال الاجتماعي أيضا. حتى إذا كانت الأحداث الموثقة في هذه الصور تجري في مناطق بعيدة، فإن الصحفيين والخبراء الذين يعملون على تحليل هذه الصور والفيديوهات يتعرضون إلى كم كبير من مشاهد العنف الصادمة، وهذه المشاهد قد تتغلل إلى المساحة الشخصية في أدمغتهم. يمكن أن تكون ردة الفعل تجاه الصور هذه التعبير عن القرف أو الاضطراب والشعور بانعدام الإرادة، لكن محتوى هذه الصور قد يبرز على السطح خارج مكان العمل كأفكار تعكر صفو الإنسان وتؤدي إلى اضطراب في النوم. 

وقد أظهرت الأبحاث أن التعرض لكم محدود من الصور الصادمة لا يتسبب غالبا إلا بحالة اضطراب، فالعاملون في قطاع الإعلام يتمتعون بقدرة كبيرة على التحمل. ومع ذلك فإن الأطباء النفسيين يحذرون من مخاطر ما يعرف بالصدمات الثانوية أو غير المباشرة إذا ما تعرض المرء لهذه الصور بشكل متكرر. وقد يكون الوضع أكثر سوءا إذا كان الإعلامي مرتبط بشكل شخصي أو مباشر بالأحداث الموثقة بالصور، كأن يكون على معرفة شخصية بالضحية في هذه الصور.  

التعرض لمناظر بشعة قد يؤدي إلى الحزن والاضطراب، ولهذا ففي عام ٢٠١٣ قامت المؤسسة الأمريكية للطب النفسي بتعديل التعليمات فيما يتعلق بتشخيص "أعراض ما بعد الصدمة" (Post Traumatic Stress Disorder) بحيث أصبح التعامل المباشر مع الصور الصادمة من العوامل التي تشكل تهديدا حقيقيا للصحة النفسية للصحفيين ورجال الشرطة وكل من يتعامل مع هذه الصور بشكل اعتيادي كجزء من عملهم. 

هناك ستة أمور يمكن للعاملين في قطاع الإعلام القيام بها للتقليل من آثار السلبية للتعامل مع هذه الصور: 

١-ـ أن نفهم طبيعة الصور التي نتعامل معها: يجب التعاطي مع الصور الصادمة كنوع من الإشعاع الضار أو المواد السامة التي كلما كانت كمية التعاطي معها أكبر كلما زادت حدة الضرر. فعلى الصحفيين والعاملين في القطاع الإنساني القيام بأعمالهم كالعاملين في المجال النووي باتباع الإجراءات اللازمة للحد من التعرض غير الضروري والزائد عن الحاجة لهذه الصور. فتكرار مشاهدة الصور قد يكون أكثر ضررا من كم هذه الصور بحد ذاته. لذا، حاولوا المباعدة بين فترات التعرض لهذه الصور وتخصيص وقت للاستراحة منها. 

٢-ـ الحد من التعرض غير الضروري لهذه الصور: يمكنكم مراجعة الأسلوب المتبع في أرشفة وتنظيم هذه الصور وكيفية تسمية الملفات التي تحتوي عليها، وذلك للحد من المرات التي يتم فيها فتح هذه الملفات ورؤية الصور. أيضا، إذا كنتم بحاجة للتحقق من صحة الصور بمراجعة مصادر أخرى، يمكنكم أخذ ملاحظات أثناء المشاهدة الأولى وتدوين أي عناصر معينة للتقليل من عدد المرات التي يتم فيها فتح هذه الصور ومقارنتها بالمصادر الأصلية. لا ترسلوا هذه الصور لزملائكم في العمل بدون أن ترفقوها بتحذير حول طبيعة المادة التي يحتويها الملف. 

٣-ـ تجربة وسائل مختلفة لخلق مسافة ما بينكم وبين الصور: بعض الأشخاص يفضلون التركيز على جزء معين من الصورة أثناء المشاهدة، كالملابس مثلا، أو يفضلون تجنب النظر مباشرة إلى وجه الضحية. بالإمكان أيضا تغطية الأجزاء المزعجة من الصورة أو الفيديو بصورة مؤقتة. الخبراء في مونتاج الفيديو يقولون أيضا إنهم يحذفون خاصية إعادة تشغيل الفيديو بصورة تلقائية (أو ما يعرف بالانجليزية ب loop) لتجنب إعادة النظر إلى لحظة وقوع الهجوم أو الموت. هناك الكثير من الوسائل التي يمكنكم استحداثها في العمل. 

٤ـ تقليص حجم مساحة المشاهدة: بالإمكان الحد من الآثار الضارة لمشاهدة هذه الصور عن طريق تصغير حجم الفيديو أو الصورة أثناء المشاهدة، أوخفض مستوى الجودة التقنية للصورة. بالإمكان أيضا إطفاء الصوت أثناء مشاهدة الفيديو لأن الصوت بحد ذاته قد يكون الأكثر تأثيرا. 

٥ـ تخصيص عدة فترات استراحة أثناء العمل: حاولوا خلال هذه الاستراحة النظر إلى صور أو مشاهد جميلة، أو القيام بنشاط رياضي أو الخروج إلى الطبيعة. كلها أمور قد تساهم في التقليل من حدة ردود الفعل السلبية في الجسم. تجنبوا تحديدا النظر إلى صور صادمة قبل النوم لأنها قد تستحوذ على مساحة كبيرة في أذهانكم. تناول الكحول أيضا قد يزيد الوضع سوءا لأنه يؤثر على النوم وقد يسبب الكوابيس. 

٦ـ وضع خطة خاصة للرعاية الشخصية: عند العمل على تقارير أو أخبار ذات أهمية كبيرة، قد يكون الصحفي متحمسا لبذل جهد مضاعف عدات المرات. ولكن الضروري أن تخصصوا وقتا ومساحة للترويح عن أنفسكم خارج إطار العمل. فلقد أظهرت الأبحاث أن الأشخاص اللذين يتمتعون بقدرة كبيرة على التحمل يمارسون الرياضة بشكل اعتيادي ويتابعون اهتمامات أخرى ويعتنون بأواصرهم الاجتماعية عندما تواجههم تحديات تتعلق بالعمل مع مواد صادمة. وبالتالي فإن الصحفي الذي يرهق نفسه خلال العمل قد يضر بجودة عمله ومهمته. 

 

نصائح إضافية لرؤساء التحرير ومدراء آخرين في قطاع الإعلام: 

يجب توعية كل فرد في فريقكم بشأن ردود الفعل المحتملة للصدمات: يجب أن يدرك الفريق أن لكل فرد أسلوبه الخاص في التعامل مع الصدمات، وأن لبعضها آثار تراكمية لا تبرز إلا بعد فترة من الزمن. كما عليهم أن ينتبهوا لأنفسهم ولزملائهم إذا كانوا بحاجة للاعتناء أكثر بأنفسهم. هذه القاعدة تنطبق على كل أفراد الفريق بمن فيهم طاقم الدعم الالكتروني. 

ـ  يجب وضع تعليمات واضحة حول كيفية حفظ وأرشفة وتوزيع الصور الصادمة: كل الملفات والمراسلات الداخلية المتعلقة بالصور الصادمة يجب عنونتها بشكل واضح جدا، وأن لا يتم توزيعها إلا على الأفراد الذين هم بحاجة لرؤيتها. لا يجب إجبار أي أحد على مشاهد أي صور أو فيديوهات إن لم تكن هناك نية لبثها. 

يجب الالتفات إلى طبيعة بيئة العمل: كلما أمكن، يجب أن تكون المكاتب المخصصة لمشاهدة الصور الصادمة في غرف بنوافذ تطل على مناظر طبيعية. بالإمكان أيضا وضع نباتات داخل هذه المكاتب أو أي عناصر أخرى من الطبيعة لأنها تساهم في خلق نوع من الفصل البصري بينها وبين مشاهد العنف.