فيروس كورونا: كيفيّة التعامُل مع حساسية المقابلات عن بُعد

.يتوجه مركز دارت بالشكر للزملاء في مؤسسة سمير قصير لترجمة هذا الدليل إلى اللغة العربية

يتّسم التعامل مع أشخاص مفجوعين بموت عزيزٍ على قلوبهم بحساسية بالغة في كلّ الظروف، فكم بالحريّ عند إجراء مقابلات عن بُعد مع أشخاص فقدوا قريباً لهم في خِضمّ أزمة فيروس كورونا.

  • تذكّر أنّ الشخص الذي تُجري معه المقابلة قد يبكي فقيده وحيداً أو شبه وحيد، من دون حضنٍ يخفّف عنه، أو أزهار، أو رسائل تعزية، أو فنجان قهوة يجمعه بأصدقاء وأفرادٍ من أسرته.
  • لربّما توفّي أحبّته وحيدين، مما سيزرع فيه مشاعر الذنب والخجل والغضب والإحباط وعدم التصديق والألم و/أو الإحساس بالظلم.
  • قد يصعب تنظيم جلسات العزاء، أو قد تكون ضيّقةً ومقتصرةً على عدد بسيط من الأشخاص، ممّا يضاعف الإحساس بالذنب والإحباط. وفي هذه الحالة، تُسلَب منه الطقوس والكلمات التي تُتلى عادةً في مثل هذه المناسبات المترافقة مع موت الأحبّاء والأقارب.
  • يُحيط به من كل جانب فيضٌ من المعلومات والتكهّنات عن الفيروس الذي فتك بأحبّته.
  • قد تتحوّل الوفيات إلى مجرّد أرقام وبيانات. وهو أمر قد يجرح الإنسان. فالفقيد هنا شريك، صديق أو قريب، لا رقماً يُضاف إلى الإحصاءات.
  • قد يغمره إحساسٌ بالخوف والقلق، فيشعر بأنّ شبح الموت قريب منه أو من أفراد أسرته الآخرين. كما قد يشعر بأنّ ما من أحد بمنأى عن الخطر، أو حتى بالذنب لاحتمال أن يكون قد نقل العدوى إلى أحبّته المتوفّين. 

خُذْ كلّ ذلك في الاعتبار وحاول أن تطبّق هذه النصائح عند إجراء مقابلات مع أشخاص عن بُعد.  فبخلاف ما يجري في أيام التصوير أو المقابلات العادية، لن تكون متواجداً معهم فعلياً للتخفيف عنهم عندما يُلِمّ بهم الحزن. وسيكونون بحاجة إلى دعم إضافي منك، أكان ذلك قبل المقابلة، أم خلالها، أم بعدها. لذا، إليك بعض الأمور التي ينبغي أن تأخذها في الاعتبار:

 

ما قبل المقابلة

  • لعلّ ضيفك يستقبل اتصالات من المستشفى عبر رقم غير معروف. فتجنَّب إذاً الاتصال به من خط أرضيّ، عبر هاتف مكتبك. والأفضل أن تتّصل به من هاتفك الخليوي. 
  • أظهِر تقديراً لحزنه. فإبداء مشاعر الأسف الصادق لمصابه يشكّل بادرةً إنسانيةً لائقة من قِبلك. 
  • كنْ مستعداً. حدّثه بصدق ووضوح عمّا تريد أن تقوم به، والأسئلة التي ترغب في طرحها، ثم استمعْ إلى آرائه. فمن الضروري، خلال مختلف مراحل هذه العملية، أن تُشعره بأنه قادر على التحكّم في مسار المقابلة.
  • اسأله عن الوقائع للتأكّد منها بدقة. فالخبر غير الدقيق يسبّب مزيداً من الانزعاج.
  • ابنِ جسراً من الإلفة بينكما. اكسِر الحاجز الجليدي الذي يفصلكما لكن تجنّب التحدّث عن آرائك بشأن الفيروس. فهذه المقابلة تتمحور حوله، لا حولك.
  • تؤثّر الصدمات النفسية على الأشخاص بطرق مختلفة. فلا تفترض كيف يجدر به أن يجيب عن أسئلتك.

 

التعامل مع التكنولوجيا

  • بعض الأشخاص أكثر مهارةً في استخدام التكنولوجيا من غيرهم. إذا دعت الحاجة، خصِّص وقتاً كافياً لشرح تفاصيل هذه العملية قبل إجراء المقابلة عن بُعد.
  • عند هذه المرحلة، لعلّه من المجدي تقديم بعض الاقتراحات البسيطة، كعدم جلوس الضيف أمام نافذة عند إجراء المقابلة عبر الفيديو. فمن المفضّل أن تقوم بذلك في هذه المرحلة على أن تطلب منه تغيير مكانه أكثر من مرة عند بدء المقابلة.
  • إذا كان بعض الأشخاص التقنيّين يشرفون على التفاصيل الفنية للمقابلة، أعلِمهم أنّ عليهم التعامل بحساسية مع ضيفك. حاول أن تجري المقابلة في مكان هادئ.
  • من الأفضل اعتماد نظام تكنولوجي يمكّن الشخص من رؤيتك، لا الاستماع إلى أسئلتك فحسب. اعتمِد  لغة الجسد التي تُظهر تعاطفك معه، كالتواصل البصري، والإيماء بالرأس، والإصغاء جيداً. امنحه بعض الوقت للإجابة ولا تستعجله.
  • تحقَّق من خلفيّتك. هل من شيء يمكن أن يسبّب له الإحراج أو يشتّت انتباهه؟

 

خلال المقابلة

  • تأكَّد إن كان الشخص الذي تُجري معه المقابلة مرتاحاً. اطرح عليه أسئلةً قصيرةً، بسيطةً ومفتوحة.
  • ليس دورك محاسبته، بل الإصغاء إلى روايته للأحداث. لا تُفرط في سؤاله عن أسباب مشاعره ومواقفه، فقد يبدو له أنك تريد تحدّيه بهذا النوع من الأسئلة.
  • تجنَّب افتعال ردود الفعل العاطفية وطرْح السؤال الذي قد يؤدي به إلى الانهيار، على غرار: "كيف تشعر؟". فأنت لست متواجداً إلى جانبه لتساعده على التعامل مع التداعيات العاطفية الناجمة عن سؤال كهذا.
  • تجنَّب قول "أفهم كيف تشعر". فلن تتمكّن فعلاً من فهم شعوره. كما أنّ هذه الكلمات قد تبدو، من بعيد، غير مراعية لإحساسه البتّة.
  • قد تكون الصدمات النفسية مضنية. كما يمكن أن تتسبّب باضطراب في التفكير، ممّا يؤثّر على الذاكرة والقدرة على التركيز. فكُنْ مراعياً لذلك.
  • رغم أنّ هذا التواصل يتمّ عن بُعد، يجب أن يشعر ضيفك بأنّك تتصرّف معه بإنسانية ومراعاة واحترام، وأنك توليه كل اهتمامك.
  • نظِّم مقابلتك بطريقة تساعده على الانتقال التدريجي من الذكريات المؤلمة إلى التركيز على الحاضر في نهاية حواركما.
  • إذا انهار عاطفياً، أعطِه المساحة اللازمة والقدرة على التحكّم بنفسه. تحقّق ممّا إذا كان هناك شخص برفقته أو صديق يمكنه الاتصال به.

 

إنهاء المقابلة

  • قم بإدارة التوقّعات. كيف سيتمّ استخدام هذه المقابلة؟ كم جزءاً من المقابلة يمكن استخدامه؟ من سيظهر أيضاً في التقرير؟ أين يمكن أن تُعرض المقابلة؟ يجب أن يعرف الضيف إذا كانت بعض المقاطع أو الصور المجتزأة من المقابلة ستظهر في مكانٍ آخر.
  • اشكُر الضيف وخصّص وقتاً كافياً لإنهاء المقابلة قبل قطع الاتصال، لئلّا يشعر بأنك أنهيت الاتصال بطريقة مفاجئة وفظّة. حافِظ على تركيزك واهتمامك به.
  • بعد إجراء المقابلة عن بُعد، قد يشعر الضيف بالضعف وانعدام اليقين والعزلة، لا سيّما بعدها مباشرةً. فاتَّصل به وقمْ بطمأنته. ولا تنسَ الاتصال به كذلك بعد بثّ تحقيقك أو نشْره لتمنحه فرصة التعليق عليه. هذه خطوة مهمّة جداً، لا سيّما في مرحلة الحجْر المنزلي.

لا ريبَ في أنها أوقات عصيبة بالنسبة إلى الصحافيين أيضاً. فأنت معرّض للإصابة بصدمة نفسية، وقد تشعر بالعزلة بدورك. لذا، بعد انتهاء المقابلة مباشرةً، تحدَّث عن هذه التجربة مع أحد الأشخاص الذين تثق بهم وتحترمهم. اعتنِ بسلامة ضيفك، وبسلامتك الشخصية، وليعتنِ كلٌّ منّا بالآخر.

 

جو هيلي هي إحدى كبار الصحافيات في شبكة بي.بي.سي.  أعدّت وقدّمت تدريباً على نقل الأخبار في حالات الصدمات النفسية، وقد نشرت كتاب "نقل الأخبار في حالات الصدمات النفسية: دليل الصحافي إلى تغطية الأخبار الحساسة". هي أيضاً مدرّبة شريكة مع مركز دارت للصحافة والصدمات النفسية.