كيف نتعامل مع موت زميل في العمل؟

هذه النصائح هي لمساعدة الصحفيين في التعامل مع حالة وفاة في فريق العمل. 

Our tip sheet on handling the death of a colleague, translated into Arabic by the Marie Colvin Journalists' Network.

هذه النصائح هي لمساعدة الصحفيين في التعامل مع حالة وفاة في فريق العمل. 

قليلة هي التجارب التي يمكن أن تمثل تحديا لأي طاقم إخباري كوفاة أحد الزملاء. فمع أن الصحفيين معروفون بقدرتهم الكبيرة على تحمل المواقف الصعبة، إلا أن موت صحفي آخر قد يؤثر على قدرتهم على التعامل مع تلك المواقف، وقد تكون للتجربة تبعات تصل إلى خارج  مسار العمل في غرفة الأخبار. 

هذه هي قائمة نصائح حول الأمور التي ينبغي التعامل معها مباشرة في حالة موت صحفي في ظروف صعبة أو عنيفة. 

فهم طبيعة التحديات: 

عندما يكون الموت مفاجئا فإنه يسبب صدمة للآخرين ويتحدى قدرتهم على فهم الحدث. وإذا كان الموت ناجما عن عنف أو استهداف مباشر فإن الوضع يصبح أكثر تعقيدا. 

وتختلف ردود الفعل كثيرا من شخص إلى آخر. وغالبا ما تعتمد على درجة قربنا إما من الحدث ذاته أو من الشخص المتوفى. وقد ينتاب الحزن والأسى والشعور بالفقدان أشخاصا آخرين ليسوا بذات الدرجة من القرب، بل وربما لم يتلقوا أبدا بالشخص المتوفى. 

إدراكنا وقبولنا لردود الأفعال العاطفية هذه كنتيجة طبيعية للتعامل مع حدث غير طبيعي قد يخفف من هول الصدمة. وهذه أمثلة لبعض ردود الأفعال هذه: 

 الشعور بالخدر أو فقدان الصلة بالواقع، وكأن الحادثة لم تحدث أو كأن الشخص لا يزال على قيد الحياة. 

المرور بمراحل عاطفية متناقضة، كأن تشعر بحزن شديد في لحظة ثم بسعادة عارمة في لحظة أخرى لأنك نجوت من الحادثة. 

الخمول الشديد أو الإرهاق غير العادي. 

التفكير المتواصل بهذا الحدث، وإعادة تصوره في الذهن، حتى وإن لم تكن شاهدا على الحادث لحظة وقوعه. 

صعوبة في التركيز. 

تجنُّب كل ما يذكرك بالحادث، وتجنُّب الخوض في تفاصيله إذا حاول أحد التحدث في ذلك. 

الشعور بالذنب لأنك نجوت من الحادث، أو الشعور بأنك لم تبذل ما فيه الكفاية لإنقاذ الآخرين. 

الغضب الشديد تجاه المسؤولين عن الهجوم، وأحيانا تجاه زملائك أو أفراد أسرتك أو حتى نفسك. 

ردود فعل الجسم قد تشمل الشعور بالألم أو الدوخان أو ضيق في الصدر أو مشاكل في التنفس والأكل والنوم. 

 

أساليب صحية للتعامل مع الوضع: 

هل أنت مستعد للعمل على هذه القصة؟ عندما يكون التقرير عن وفاة  زميل في العمل فإن الأمر يصبح شخصيا. بالنسبة للبعض، فإن العمل على تقرير كهذا قد يكون مشوشا وصعبا، وقد يكون مفيدا للبعض آخر كتابة مقال قصير عن الحدث أو تغطية تطوراته. البحث عن الحقيقة قد يكون أفضل طريقة لتكريم ذكرى الزميل المتوفى. وبالتالي يجب عليك أن تقرر إلى أي مدى أنت بحق مستعد للخوض في التفاصيل، وانتبه إلى أن العمل على تقارير أخرى تتعلق بقضايا صادمة أو مؤلمة قد يكون صعبا أيضا في وقت كهذا. 

ابحث عن الدعم في محيطك الاجتماعي وقدمه للآخرين أيضا: فالأبحاث العلمية تؤكد ما نعرفه بالفطرة: وهو أن العلاقات الإنسانية مهمة للغاية في أوقات الشدة، ويؤدي الدعم الاجتماعي دورا أساسيا في قدرة الناس على تحمل المآسي. فعندما يفقد فريق الأخبار زميلا لهم فإنه من الضروري جدا أن يجتمع الفريق في نشاط مشترك، أو أن يتواصلوا مع فريق أخبار آخر. 

كن دمثا تجاه الآخرين: لكل منا أسلوبه الخاص في التعامل مع الفقدان، ويجب أن ندرك أن الأساليب التي يتبعها الآخرون لتحمل المأساة قد لا تنسجم مع بعضها البعض. بعضنا يشعر بحاجة للتحدث عن المأساة باستمرار، والبعض الآخر يفضل الانشغال بالعمل. أسلوب التعامل مع الموت يختلف من شخص إلى آخر أيضا بحسب الثقافة أو الجنس أو الطبقة الاجتماعية أو الخلفية الأسرية. 

اعتن بحاجاتك اليومية: تناوُل الطعام الصحي والحصولُ على قسط جيد من الراحة والنوم هي أمور ضرورية للحد من الآثار السلبية على جسد الإنسان عندما يشعر بالضغط والإجهاد. 

التزم بنظامك الروتيني: عندما تقع مأساة فإنها تقلب الأمور رأسا على عقب، وقد يدفع ذلك البعض للتخلي عن الروتين اليومي. ومع أن الأمور لا يمكن (وربما لا ينبغي) أن تعود فورا إلى مجراها، إلا أنه يجب عليك أن تحاول الاحتفاظ ببعض العادات اليومية قدر الإمكان. فالروتين يمنحنا نوعا من الاستقرار للتمكن من القيام بالواجبات أو الأمور المطلوبة في الحاضر. 

انتبه إلى مؤشرات التوتر في جسدك:  تعتبر التمارين الرياضية وسيلة ممتازة لتخفيف آثار الإجهاد التي تصيب الجسم بسبب الصدمة، كما أنها تساعد على تحسين المزاج. وليس ضروريا أن تكون التمارين شديدة أو مرهقة، فمجرد إجراء حركات تمدد بسيطة يمكن أن يكون مساعدا. كما أن التنفس العميق من منطقة البطن هو أبسط وأسرع طريقة للتخفيف من الضغط. 

احذر من تناول الكحول أو المنشطات أو المخدرات:  قد يشعر البعض أن الكحول يساعدهم ولكنه مصنف علميا وطبيا كأحد المواد التي تسبب الاكتئاب وتؤثر على النوم وقد تسبب الكوابيس أحيانا. فإذا كنت تتناول الكحول (أو تعرف أن أحد زملائك يتناول الكحول للتعامل مع الصدمة) فمن الضروري الحد من الكميات المتناولة. 

ممارسة الأنشطة الترويحية: من الضروري أن تعثر على متنفس خارج مكان العمل يبعدك قليلا عن أفكارك ومشاغلك. فالاتصال مثلا مع الطبيعة، كالتنزه في حديقة أو غرس بعض النباتات، يساعد كثيرا في الترويح عن النفس وتغيير طريقة النظر إلى الأمور. هذا الأمر أثبتته الأبحاث التي أظهرت عن الاتصال المباشر مع الطبيعة له تأثير ملحوظ على أسلوب النظام الهرموني والعصبي في الجسم في التعامل مع الضغوط والصدمات. 

لا تعزل نفسك عن العالم: من الضروري أن تخصص وقتا لتنفرد بنفسك، ولكن احذر من أن يؤدي ذلك إلى العزلة.  فالتجارب الصعبة (كموت زميل) قد ترهق طاقة الإنسان في التعامل مع الأمور. وبحسب الأبحاث فإن الاحتفاظ بعلاقات إنسانية إيجابية خلال تلك الفترة تساعد على التعامل مع الصدمة المفاجئة. 

حاول أن تجد منفذا للمشاعر التي يصعب الاعتراف بها:  قد يتطلب التعامل مع حادث مؤلم مواجهةَ حقائق وأمور مؤلمة. وإذا تجنبت مواجهة هذه الأمور فإنها قد ترتد إليك فيما بعد بأشكل أكثر تعقيدا. من المفيد أن تتحدث في هذه الأمور مع أفراد تثقُ بهم، كما أن الكتابة والتعبير عن تلك المشاعر قد تساعد في التعامل معها، إذ تشير الدراسات العلمية إلى أن الاحتفاظ بمذكراتٍ يساعد على التعامل مع اليأس والاكتئاب. 

كن رؤوفا بنفسك: قد تجد نفسك أحيانا تفكر أو تتحدث أو تتصرف بأسلوب غير لائق، ما قد يؤدي ذلك إلى شعور غير مبرر (أو غير متوازن) بالذنب. فقد يلوم البعض أنفسهم لأنهم لم يبذلوا ما فيه الكفاية للحيلولة دون موت زميلهم. وقد يشعرون بالذنب لأنهم نجوا من الحادثة. وإذا كانت طريقة الموت عنيفة فإن البعض قد يشعر بسعادة عارمة لأنهم لم يلقوا حتفهم بذات الطريقة. حاول أن لا تنتقد أو تلوم نفسك على هذه المشاعر وحاول أن لا تمنح هذه الأفكار كثيرا من القيمة. يجب الإدراك بأن الموت قد يثير في الإنسان مشاعر متناقضة ومشوشة، وعندها يمكن التركيز على الجوانب التي يمكن السيطرة عليها في هذه المواقف للمضي قدما. 

التحكم بالأفكار والمشاعر حيال المسؤولين عن موت الزميل: قد تشعر بغضب عارم حيال المسؤولين. وهذا الشعور بحد ذاته قد لا يكون سيئا، بل قد يمثل أحيانا دافعا لتغيير أو عمل إيجابي. ولكن قد يصل الغضب إلى مرحلة يطغى فيها على حياتك اليومية وقد يؤثر سلبا على أدائك في العمل وعلى علاقاتك الشخصية والمهنية. 

 

كيف تكون مصدر دعم لزملائك؟ 

الترابط الاجتماعي يعني الكثير للآخرين، والاعتناء بزملائك هو أداة قوية لتصرف إيجابي وبناء في أوقات المحنة. فموت أحد الزملاء قد يهز مشاعر كافة الأفراد في غرفة الأخبار. والكثير منا يتردد في الحديث عن الموت، فقد نخشى أن نبدو غير مخلصين أو تافهين أو متطفلين على حياة الآخرين. ومع ذلك فمن الأفضل أن نقر بما حدث وأن نعبر عن ذلك بأسلوب بسيط للآخرين بدلا من نتركهم يشعرون بالعزلة. مجرد عبارة "أنا آسف جدا" أو "لا أدري ماذا أقول" هي أفضل من أن لا نقول شيئا على الإطلاق. فالتجارب الصادمة قد تزيد من ميول الأفراد للتراجع والانعزال. وهناك فرق كبير بين احترام حاجة الإنسان للخصوصية وبين إعطائهم انطباعا بأنك تتجنبهم. 

إن كنت قلقا بشأن أحد الزملاء فتواصل معهم واسألهم إن كانوا يرغبون بالحديث. هذا لا يعني بالضرورة أنك تؤدي دور طبيب نفسي هاوٍ أو أنك تحاول "معالجة" الآخرين، ولكن المبادرة بتقديم المساعدة تعني أنك مهتم بالاستماع إليهم كي يشعروا أنهم لا يزالون على اتصال بالآخرين. 

يمكنك اتباع الأساليب التالية: 

ـ  تخصيص الوقت والمكان المناسبين للحديث دون مقاطعة من الآخرين. 

ـ أن تستمع إليهم بالكامل وأن تتيح لهم المجال لقول كل ما يرغبون قوله. 

ـ تذكر أن تكون متجاوبا وحاضرا، فهذه هي أبسط الأمور وأكثرها فعالية. 

ـ إذا برزت مشكلة ما، بإمكانك تحفيزهم على التفكير بأنفسهم للعثور على حلول. 

ـ اعرض عليهم المساعدة في العمل وغيرها من الأمور العملية. 

ـ اعرض عليهم مزيدا من الفرص للحديث معا. 

 

وتجنب الآتي: 

ـ الخوض في تفاصيل مؤلمة بشأن ما حدث أو البحث المتعمد عن مشاعر صعبة. 

ـ لا تفترض أنك تشعر كما يشعرون أو أنك تعرف ما هو شعورهم. 

ـ لا تمدهم بنصائح إذا لم تكن مؤهلا لتقديمها بهدف علاج الأمور. 

ـ لا تتقدم بآراء أو أحكام دينية إن لم يطلبوا منك ذلك. 

ـ لا تطلق أحكاما على مشاعرهم ولا تحاول تصويب هذه المشاعر. 

ـ لا تقص عليهم حكايتك قبل أن تستمع جيدا لحكايتهم. 

ـ لا تقل لهم إنه من المفترض أن يكونوا قد تغلبوا على هذه التجربة أو تجاوزا المرحلة. 

ـ لا تقل لهم كم أنك تتعامل مع الوضع بأسلوب جيد، خاصة إذا لم يطلبوا منك ذلك. 

تذكر أن البعض يصبحون أكثر انفتاحا في أوقات الشدة، وقد يؤدي ذلك إلى الإفشاء عن أسرار أو أمور شخصية، ولذا فمن الضروري الحفاظ على حدود في التعامل: إذ يجب احترام سرية الحديث بينكما وعدم استغلال الثقة التي يمنحك إياها ذلك الشخص. وفي نفس الوقت لا تنس أهمية الاعتناء بنفسك. 

 

احذر من التهويل من الأمور 

كثيرا ما تؤدي الصدمة النفسية إلى تكبير حجم بعض الأمور وتأجيج مشاعر دفينة. فإذا شعرت بأن الحوار قد يتحول إلى جدل أو شجار، حاول أن تتجنب تأجيج الموقف، وامنح نفسك الفرصة لكي تأخذ نفسا وتعبر عن نفسك بأسلوب ألطف. من الضروي أن يبذل الزملاء ما بوسعهم لكي يتجنبوا زيادة الهوة أو التصدعات فيما بينهم. فالعزلة والانقسام قد يزيدان من حدة التوتر، وهذا يؤثر على قدرة فريق الأخبار على التعامل مع أي تهديدات خارجية والتركيز على مهامه. 

ينبغي أيضا الانتباه إلى أن البعض يصبح أكثر عرضة وتأثرا بالإشاعات والانتقادات في الأوقات الصعبة، خاصة إذا كان الانتقاد متعلقا بشخصيتهم أو بفشلٍ مفترضٍ في طريقة تعاملهم مع الأزمة. في هذه المواقف، يصبح الاحترام واللباقة أكثر أهمية للمحافظة على النسيج الاجتماعي في مكان العمل. 

أحيانا ينشب جدل أو انقسام بشأن من يملك "الحق" في التحدث عن الفقيد أو بالنيابة عنه. على سبيل المثال، قد ينزعج الزملاء الذين كانوا أكثر قربا من القتيل عندما يتحدث زملاء آخرون عن شعورهم بالفقدان والحزن، خاصة إن لم يكن هؤلاء على معرفة جيدة بالفقيد، أو إذا كانت علاقتهم معه سلبية. الموت المفاجيء، والعنيف أحيانا، يضع الجميع أمام موقف صعب. وقد يجد البعض صعوبة في العثور على العبارات المناسبة، وقد يتصرفون أحيانا بأسلوب مربك أو معطل للعمل، غير مدركين لتأثير مشاعرهم على تصرفاتهم. وقد يصيبهم هوس أو قلق بتفاصيل صغيرة ليست ذات أولوية للآخرين.