اقتراحات على موظفي الإعلام لتخفيف الأضرار الإضافية عند التعامل مع الضحايا والناجين

يتوجه مركز دارت بالشكر للزملاء في مؤسسة سمير قصير لترجمة هذا الدليل إلى اللغة العربية.

قد يكون مجال نقل الأخبار المثيرة للصدمات جديداً عليك نوعاً ما، أو قد تشعر بكل بساطة أنّك تريد معرفة المزيد عن هذا النوع من المهام. لذا، جمعنا لك النصائح السريعة التالية من أبحاث أجراها أعضاء مركز دارت في منطقة أسترالاسيا وعلى مستوى العالم (صحفيون وباحثون في مجال الصحافة، وعاملون في المجال الصحي). كما يمكنك زيارة موقعنا للحصول على المزيد من التفاصيل والأمثلة.

  • يحقّ للأشخاص الذين تعرّضوا لصدمة نفسية عنيفة، أو الذين فقدوا قريباً لهم في ظروف مفاجئة وعنيفة، أن يرفضوا الظهور في مقابلات أو صور أو فيديوهات. وعلى وسائل الإعلام الإخبارية، وغرف الأخبار التابعة لها، أن تحترم حقّهم هذا. اعتمد مبدأ عدم التسبّب بالمزيد من الأذى.
  • فوق ذلك، كن دقيقاً ولا تتظاهر بالتعاطف. قدّم تعازيك الصادقة منذ البداية، وبكلمات مراعية وداعمة. قل عبارات مليئة بالدعم مثل "يؤسفني أنّ هذا الأمر حدث لك" عوضاً عن السؤال بشكل فجّ: "كيف تشعر؟" أو الإدلاء بتعليق في غير محلّه: "أعرف كيف تشعر" مما يفقدك مصداقيتك في الحال.
  •  من الأرجح أن يكون الشهود والناجون في حالة من الصدمة، على الأقل في الفترة التي تلي الكارثة مباشرةً، وقد يكونوا في وضع غير مناسب للظهور في مقابلة، أو الظهور بصور أو فيديوهات، أو لإعطائك ما يشبه الموافقة بتصميم واضح على الظهور في مقابلة، فلا تكن قاسياً عليهم. تجنّب الأسئلة التي تكون فيها "محامي الشيطان" أو التي تنطوي على اللوم لأنه كان باستطاعتهم أن يفعلوا أكثر من ذلك.
  • صحيحٌ أنّ عدداً كبيراً من وسائل الإعلام الإخبارية ستجري وراء الأخبار والقصص الجديدة في هذا الوقت، لكن قاوم عقلية "القطيع" هذه، لا سيما عندما تُقْدم حشود الإعلاميين على تغطية أحد التطوّرات أو الأحداث الناجمة عن الكارثة. جمّع الموارد المتوافرة عند الإمكان للحدّ من إثقال كاهل الأفراد والجماعات المحلّية بالطلبات.
  • في أغلب الحالات، سيختبر هؤلاء الأشخاص نزاعاً عميقاً، بل ربما حيرةً وارتباكاً. فإذا ركّز الإعلاميون في أسئلتهم على هذا النزاع الذهني أو العاطفي الذي لم يتعامل معه الشخص المعني بعد، قد يخلّف مثل ذلك نتائج مدمّرة على الضحايا، والناجين، والشهود، فضلاً عن أُسرهم وأصدقائهم، وأشخاص غير معروفين آخرين يمكن أن يكونوا قد تعرّضوا لتجارب مشابهة أو أسوأ.
  • أدْعِ هؤلاء الأشخاص إلى المشاركة في مقابلة أو اسألهم إذا كان باستطاعتك تصويرهم، وأمّن لهم بيئةً داعمةً، تسهّل عليهم التحدّث، عوضاً عن إكراههم على ذلك، أو تملّقهم، أو الاحتيال عليهم، أو عرض مقابل مادي عليهم لذلك من أجل الحصول على تعاونهم. وبشكل خاص، لا تُثقل كاهل الأُسَر المفجوعة بعبء إضافي للتفاوض على مقابلة "حصرية".
  • احترم خياراتهم إذا أرادوا أن يكون شخص ما برفقتهم، أو أن يعيّنوا ناطقاً باسمهم من داخل الأسرة أو خارجها، أو حتى مستشاراً للشؤون الإعلامية، ولا تجعلهم يدفعون ثمن خياراتهم هذه. فمن الأرجح أنّ طلبات إجراء المقابلات تنهال عليهم، وأنهم لم يجدوا أمامهم خياراً إلا طلب المساعدة للتعامل مع هذه الطلبات أو الحدّ منها.
  • حاول أن تعتمد مقاربةً تنمّ عن أكبر قدر ممكن من الاحترام واللطف، حتى وإن كانت المهلة الزمنية لإنجاز مهمّتك محدودة أو كانت غرفة الأخبار تلحّ عليك للحصول على نسختك أو صورك. عامل هؤلاء الأشخاص كما تريد أن تُعامَل في ما لو كنت مكانهم... يُعتبر هذا الأمر أساسياً لا سيما إذا كنت "غريباً عن البلد" وغير ملمّ بالحساسيات المحلية كما ينبغي.
  • بالنسبة إلى أُسر الضحايا والناجين، تكون خسارتهم، وحزنهم، وقلقهم، شخصيةً وشديدةً للغاية. كما تترافق هذه المشاعر مع توقيتها الخاص بها، مما يعني أنك ستحصل على تحقيق أو صورة أفضل عن المتضررين  بشكل مباشر إذا تريّثت قليلاً عند محاولة التحدّث معهم، غير أنّ هذا لا يعني أنك لا تستطيع التحدّث إلى الأشخاص الآخرين الذين لم يتأثّروا بالوضع بشكل مباشر، كالمسؤولين، ورجال الدين إلخ.
  • إذا تمّ صدّك، اترك بطاقتك وأخبرهم أنهم يستطيعون الاتصال بك إذا أرادوا التحدّث لاحقاً، لكن لا تستخدم أساليب ضاغطة مع الضحايا، أو الشهود، أو أُسرهم، لحملهم على الموافقة على مقابلة أو الظهور بصورة. لا تبتزّ الناس لكي يتعاونوا معك معلّلاً أنهم، بذلك، سيساعدون غيرهم.، دعهم يتّخذون قراراتهم بأنفسهم.
  • تجنّب، عند الإمكان، إخبار أشخاص أو أُسر بموت أحبّتهم. فعلى السلطات المعنية القيام بذلك بنفسها، كما يحقّ للأقارب تلقّي هذا الخبر بعيداً عن الأضواء. إذا طُلب منك توفير معلومات جديدة عن المأساة، فكّر ملياً في إجابتك وحاول أن تتخيّل شعورك لو كنت مكانهم. قد يكون من الأفضل أن تقترح عليهم مراجعة جهات أخرى. وقد تقرّر أيضاً إطلاعهم على جزء مما تعرفه، لكن ليس كل شيء. في مطلق الأحوال، لا تكرّر معلومات غير مؤكّدة على مسامعهم. 
  • تذكّر أنّ الضحايا، والناجين، وأُسرهم وأصدقاءهم يحاولون جهدهم لاستعادة القدرة على التحكّم بحياتهم بعد التعرّض لمثل هذه التجربة المؤلمة. أتِح لهم التعبير عن رأيهم بشأن متى يريدون إجراء لمقابلة، أو التقاط صورة أو فيديو لهم، وأين، وكيف. دعهم يشاركون في أي قرارات محتملة؛ مثلاً اقرأ عليهم اقتباساتهم أو أعد تشغيل شريط الفيديو منذ البداية، لتمكينهم من اختيار أيٍّ من صور قريبهم المتوفى أو المصاب بنبغي استخدامها إلخ. دع المشاركين في المقابلات، لا سيّما الضعفاء منهم، يُعلمونك متى يريدون أخذ استراحة، وما إذا كانوا يريدونك أن تضع مفكّرتك جانباً أو تطفئ جهاز التسجيل لكي يقولوا ما لا يريدون منك نشره. تأكّد مما إذا كان طرح الأسئلة الصعبة أمراً متاحاً.
  • إذا أصيب أحدهم بانهيار، أعطه وقتاً لتمالك نفسه قبل أن تسأله: "هل أنت مستعدّ للمتابعة؟".   تجنّب تصوير الأشخاص وهم في حالة من الانفعال أو الانزعاج الشديد (فحتى القرّاء/المشاهدين غير المرتبطين شخصياً بالمأساة ينتقدون هذه التقنية المبتذلة). اختر صوراً قوية لتوضيح هذا الخبر والمكانة المهمّة التي تحتلّها الضحية بالنسبة إلى أُسرتها و/أو مجتمعها المحلّي.
  • بعد وقوع كارثة أو حادث أسقط ضحايا عدّة، لن تحتاج إلى إضفاء المزيد من الإثارة على الأخبار المنقولة. فاستخدم تقنيات الصحافة الجيّدة، والمتينة، والقائمة على الحقائق، معتمداً مقداراً منطقياً من  المراعاة لمشاعر الآخرين. احرص على فحص الصور جيداً قبل نشرها، لا سيما إذا كانت تنطوي على مشاهد صادمة. فضلاً عن ذلك، تجنّب اختيار "صوراً مأسوية" كتعريف للصفحة أو الشاشة. ففي أغلب الأحيان، تكون هذه الصور السوداوية المشهد الأخير الذي تراه أسرة ما لفقيدها.
  • راجع بشكل دقيق وشامل الوقائع، والأسماء، والأوقات، والأمكنة، وغير ذلك. فأخطاء كهذه تكون شاقةً على هؤلاء الأشخاص، وأفراد الأسرة، وزملائهم، كما تسبّب لهم توتّراً لا داعي له.
  • تذكّر أنّ الأشخاص الذين تتحدّث معهم في هذه الظروف لا يكونون  فيها ملمّين بالتعاطي مع الإعلام إلا في ما ندر. حاول أن تشرح لهم تفاصيل العملية، وكيف يُرجّح أن يتمّ استخدام التحقيق/الصور/الفيديو الخاص بك. اشرح أيضاً أنّ هذه المادة قد تتعرّض للتعديل قبل النشر، أو بعد ذلك، أو قد لا يتم استخدامها على الإطلاق. كن صادقاً إذا كنت تعرف أنّ مادةً ما ستُعرض أكثر من مرة على الأرجح. [يتّخذ كثيرون الخطوات اللازمة للتأكّد من أنّ أعضاء الأُسر الضعفاء، كالأطفال أو المسنّين، محميّون (محميون) من هذه التقارير]. شجّعهم على طرح الأسئلة عليك لكي تتمكّن من الإجابة عنها (عليها) أثناء تواجدك معهم، أو الاتصال بك إذا أرادوا طرح أي سؤال في وقت لاحق.
  • احذر من المغالاة في الاتكال على أصحاب "الموهبة" في التحدّث إلى الإعلام. فقد يجد الناجون، والشهود، وأفراد الأُسر/الزملاء الذين يُحسنون التكلّم أمام الكاميرا أنفسهم يستحوذون عن غير قصد ولا رغبة منهم، على كل الاهتمام. كما يمكن أن يشعر آخرون بالنقمة تجاه الشخص أو أفراد الأسرة الذين يتلقّون حصة الأسد من الاهتمام، لا بل يمكن أن يُحدث هذا الأمر في الأحياء الصغيرة انشقاقات طويلة الأمد لا رجوع عنها في العلاقات.
  • في ظلّ 150 ألف حالة وفاة مؤكّدة حتى اليوم، وعشرات الآلاف من المفقودين في عشرات الدول، سيستمرّ التداول بهذا الخبر لبعض الوقت، ومن شأنه أن يشكّل اختباراً لموارد غرف الأخبار في مختلف أنحاء العالم. فاستعدّ للأمر وكن واعياً لأعراض الصدمات النفسية المباشرة وغير المباشرة/الثانوية. كذلك، تحمّل مسؤولية تقديم الدعم للأشخاص المصابين بالصدمات النفسية أثناء عملك، والحرص على الاعتناء بنفسك أيضاً. وهكذا، ستنجح في تفادي التسبّب بأي ضرر إضافي.
  • بالرغم من الصعوبات والأحزان التي قد تصادفها، قد يشكّل هذا الأمر فرصةً لنموّك الشخصي والمهني إذا اخترته أن يكون كذلك.