نصائح حول كتابة التقارير المتعلقة بالعنف الجنسي
هذه نصائح هامة حول تغطية قضايا العنف الجنسي: من مرحلة التحضير إلى كتابة القصة.
Our tip sheet on covering sexual violence, translated into Arabic by the Marie Colvin Journalists' Network.
تغطية قضايا العنف الجنسي يتطلب رعاية خاصة وإدراكا أكبر للأسس الأخلاقية. كما يتطلب مهارة متخصصة في إدارة المقابلة، وفهما لنصوص القوانين وللآثار النفسية التي تنجم عن صدمة الاعتداء.
يمكن أن يكون العنف الجنسي إما جسديا أو نفسيا، وقد يمارس ضد الرجال أو النساء أو الأطفال من أي فئة عمرية. ويعد الاغتصاب من أسوأ أنواع العنف التي ممكن أن يتعرض لها أي إنسان. والتحدث عن هذه التجربة قد يسبب أزمة حادة جدا: فأثناء إعادة سرد الحادثة قد تنتاب الفرد ذات المشاعر التي مر بها أثناء الاعتداء. ولذا على الصحفيين أن يكونوا أكثر حذرا كي لا يضاعفوا وقع الصدمة على الشخص الذي يجرون معه اللقاء. وقد تنجم عن العنف الجنسي آثار أوسع على أشخاص آخرين كأفراد الأسرة أو أي شهود على حادث الاعتداء. وعندما يتم استخدام العنف الجنسي كأداة حرب فإنه قد يحدث تغييرا جذريا للعلاقات داخل مجتمع معين أو علاقات ذلك المجتمع مع جيرانه.
التحضير والاتصال مع الأشخاص المعتدى عليهم:
- ضرورة الإلمام بأسباب وتبعات العنف الجنسي: يجب إجراء بحث شامل حول الظروف المحلية والحالات التي يجري فيها الاعتداء. ولكن بعد إكمال البحث، يجب أن يكون الصحفي مستعدا لكافة الاحتمالات. فبغض النظر عن كم المعلومات التي بحوزته، لا يمكن للصحفي أن يعرف مسبقا كيف سيتأثر كل فرد بالأحداث التي وقعت عليهم.
- ضرورة استخدام المصطلحات الصحيحة: "الاغتصاب" أو "الاعتداء" ليس جنسا. إذا كان العنف ممارسا على الفرد بصورة منهجية فهذا لا يعد "علاقة". ولا يمكن بأي حال من الأحوال الربط ما بين الاغتصاب أو العنف من جهة و الجنس من جهة أخرى. المتاجرة بالنساء وإجبارهن على الجنس أيضا لا يعد بغاء. كما أن الأفراد الذين تعرضوا للاعتداء الجنسي قد لا يعتبرون أنفسهم "ضحايا" إلا إذا استخدموا هم هذه الكلمة. فالعديد منهم يفضلون مصطلح "ناجين".
ـ احترام حق الشخص في رفض إجراء المقابلة: لا يجوز إجبار أي إنسان على التحدث أو الخوض في تفاصيل حادثة قاسية كالاغتصاب، وليس كل فرد في حالة تؤهله للحديث في ذلك:
ـ إذا كان هناك مختص أو منظمة لرعاية الناجين، فيمكن سؤالهم إن كان التحدث لوسائل الإعلام سيزيد الوضع سوءا على ذلك الشخص.
ـ مهما كان الصحفي (الذكر) حذرا ولبقا، فإن الناجية من الاعتداء قد ترتاح أكثر في الحديث مع سيدة أخرى. وإذا تعذر ذلك لا بد من العثور على زميلة في العمل للمساعدة في المقابلة إن اقتضى الأمر ذلك.
ـ لا بد للصحفي أن يكون عادلا وواقعيا وأن يتجنب اللجوء للضغط أو المحاسبة أو المراوغة في الأسئلة أو عرض مكافأة لقاء الحديث. ولا يجوز له أن يلمح إلى أن هذه المقابلة قد تفضي إلى نوع من المساعدة أو ربما التدخل العسكري (في حالة الحرب).
ـ إذا كان الاتصال مع الناجي أو الناجية من الاعتداء قد يهدد سلامتهم أو خصوصيتهم: في بعض المجتمعات، شبهة الاغتصاب بحد ذاتها قد تعرض الشخص للمهانة أو الإقصاء، أو حتى إلى المزيد من العنف. لذا يجب اتباع الحذر أثناء الاتصال وتحديد المكان الأفضل للالتقاء والتحدث مع هذا الفرد.
ـ التزام الأمانة في التعريف عن نفسك: لا تتظاهر أبدا بأنك لست صحفيا. كن واضحا حول طبيعة المقال الذي تنوي كتابته كي تبني الثقة بينك وبين الشخص وكي تحصل على نتائج أفضل من اللقاء.
أثناء المقابلة:
ـ يجب تحديد قواعد المقابلة بدقة: التعرض للعنف والاعتداء قد يسلب الشعور بالسيطرة من الفرد ولذا لا بد من تهيئة الجو المناسب أثناء المقابلة كي يشعر الفرد بالأمان. يجب أن يشعر الفرد ايضا أن له دور في اتخاذ القرارات المتعلقة بهذه المقابلة، كأن يقرر مثلا المكان والوقت الأمثل لإجراء المقابلة.
ـ إذا كانت المقابلة بواسطة مترجم فلا بد من توعيته أيضا بشأن التعليمات المذكورة هنا. وإذا كانت المقابلة للفيديو قد يكون من الأفضل تسجيلها كاملة باللغة التي يتحدثها الناجي من الاعتداء واختصار أفراد الطاقم الموجودين.
-ـ يجب تحديد الوقت الذي يمكن أن تستغرقه هذه المقابلة من البداية. ويجب تجنب مقاطعة الشخص إذا كان يصف تفاصيل الاعتداء لأن هذا قد يسبب أذى كبيرا.
ـ سر المقابلة الجيدة هو الإصغاء جيدا للشخص وبدون إطلاق أحكام: ومع أن هذه القاعدة تبدو بديهية إلا أن القدرة على الإصغاء المطول يتطلب وقتا وجهدا لتطويره.
ـ لا يمكن الاستهانة بأن ردة فعل الصحفي أثناء الإصغاء إلى تفاصيل اعتداء مؤلم قد يؤثر على مجرى المقابلة: إذا شعرت أن هذه التفاصيل صعبة عليك فتعامل مع الموضوع بشكل سري وأعد التركيز للإصغاء إلى الشخص الذي تحاوره: حاول التركيز على تعابير وجه ذلك الشخص أو الإصغاء أكثر لصوته فقد يساعدك ذلك على التركيز أكثر. واترك التفكير في أثر الكلام عليك شخصيا إلى ما بعد المقابلة.
ـ كثيرا ما يفضي العنف الجنسي إلى اللوم الذاتي والشعور بالذنب والخزي: ولذا يجب على الصحفي أن يتجنب استخدام أي كلمات من شأنها أن تدفع الشخص للشعور بأنه مسؤول عن الاعتداء الذي وقع عليه. ويجب أيضا تجنب الأسئلة عن "الأسباب" فهذه أسئلة يطرحها المحققون وليس الصحفيون.
ـ لا تتفاجؤوا إن كانت الحقائق التي يسردها الناجي أو الناجية من الاعتداء منطقية جزئيا فقط: فكثيرا ما يمر الناجون من الاعتداء الجنسي بصدمة نفسية قد تؤدي إلى ثغرات في الذاكرة، وبعض الحالات قد يحاولوا إجبار أنفسهم على نسيان الاعتداء برمته. ولذا فإذا كان سردهم للأحداث منقوصا أو حتى متناقضا فإن ذلك لا يعني أنهم يحاولون الخداع، وإنما كثيرا ما يدل على أن الناجي من الاعتداء لا يزال يحاول فهم ما وقع عليه.
ـ لا تقولوا أبدا أنكم تفهمون شعور ذلك الشخص، لأنكم في الحقيقة لا تفهمونه: من المفضل استخدام عبارات أخرى مثل: "أتفهم أن هذا الحديث صعب بالنسبة لك".
ـ إنهاء المقابلة بشكل جيد: بعد الانتهاء من جمع كافة المعلومات المطلوبة للتقرير، اسألوا الشخص إن كانوا يرغبون بإضافة شيء آخر. ومن المهم جدا العودة إلى الحاضر والحديث في أمور تشعر الشخص بالأمان.
ـ كونوا جاهزين للتواصل بعد نشر أو بث المقابلة: إذا وعدتم بإعطاء الشخص نسخة من التقرير، اوفوا بوعدكم.
الكتابة:
ـ مرة أخرى، يجب التفكير في اللغة المستخدمة: فالعنف الجنسي يسبب أذى عميقا على المستوى الشخصي، وله في نفس الوقت تبعات على المجتمع.
-ـ عند وصف الاعتداء هناك توازن دقيق ما بين الدخول في التفاصيل التي تصدم القاريء وتجنب الخوض فيها إلى حد قد يؤثر سلبا على قضية الناجي من ذلك الاعتداء.
ـ في الصراعات المسلحة يعتبر الاغتصاب من قبل المقاتلين جريمة حرب، ولذا فمن غير المقبول في هذا السياق وصف الاغتصاب بأنه حادث مؤسف وأمر متوقع خلال الحرب.
ـ فكروا في التبعات المترتبة على نشر هذه القصة: يجب عل الصحفي أن يبذل ما بوسعه لتجنب تعريض الناجي أو الناجية من الاعتداء الجنسي إلى مزيد من الاعتداءات أو العنف، أو التأثير سلبا على وضعهم الاجتماعي.
ـ يمكن السماح للناجي من الاعتداء بقراء جزء من التقرير قبل نشره، وذلك للتخفيف مع وقع النشر ولتصحيح أية أخطاء في الوقائع. فبعد القراءة والتحقق من نواياك كصحفي، قد يكون الشخص أكثر استعدادا للتحدث عن المزيد من التفاصيل.
ـ يجب سرد القصة كاملة: كثيرا ما تختار وسائل الإعلام التركيز على أحداث معينة ولكن على الصحفيين أن يحاولو فهم السياق الأوسع لهذا الاعتداء، فقد يكون جزءا من مشكلة اجتماعية كبيرة أو من نزاع مسلح أو حتى جزءا من تاريخ مجتمع. ولذا قد يكون مفيدا للصحفي أن يبحث في تقريره في الأساليب التي اتخذها أفراد آخرون في ذلك المجتمع للتعامل مع صدمة العنف الجنسي على المدى البعيد.
ـ قد يكون مناسبا تذكير القراء أو المشاهدين والناجين من العنف الجنسي بالمصادر والمنظمات التي تقدم الدعم والمعلومات المفيدة للناجين من الاعتداءات.
ـ التأكد مرة أخرى من أن التقرير لا يحتوي على معلومات قد تكشف عن هوية المصدر وتهدد سلامته: يجب قراءة التقرير النهائي مرة أخرى قبل النشر والتأكد من أنه لا يحتوي على إشارات قد تدل للكشف عن هوية الناجي أو الناجية من العنف الجنسي، كأن يتم مثلا ذكر الوظيفة أو مكان العمل أو السن أو عنوان السكن. في حال نشر الصور أو الفيديوهات قد يكون من الضروري تغطية الوجه أو تغيير الصوت.